Prof. Khalid Al-Shafi
مع انطلاق القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية في الدوحة، تقف دولة قطر مرة أخرى في طليعة الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز كرامة الإنسان والعدالة والازدهار المستدام. فبعد ثلاثين عاماً على انعقاد القمة الأولى في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، يجد العالم نفسه اليوم أمام تحديات متجددة ومتغيرة، من عدم المساواة الاقتصادية، واتساع الفجوات الاجتماعية، وأزمات المناخ، إلى التهديد المستمر للسلم والاستقرار
وفي هذا السياق، فإن استضافة قطر لهذه القمة البارزة لا يُعد مجرد إنجاز دبلوماسي، بل هو التزام وطني بالمسؤولية العالمية وتأكيد لدور الدولة كقوة محركة للحوار البنّاء والتنمية المستدامة
وشدّد سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله ورعاه في كلمته الافتتاحية للقمة على أن التنمية الاجتماعية ليست ترفاً أو خياراً سياسياً، بل ضرورة أساسية لضمان بقاء المجتمعات واستقرارها. والرسالة القطرية واضحة: إن ازدهار الدول لا يُقاس فقط بمخرجاتها الاقتصادية، بل بقدرتها على تعزيز رفاه الإنسان، وتحقيق الإدماج الاجتماعي، واحترام كرامة الجميع. وفي الوقت الذي يحتفل فيه العالم بالذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة، تمثل هذه القمة منصة مهمة لتجديد التزام المجتمع الدولي بالتعاون والعدالة والعمل متعدد الأطراف
وقال سموه بأن دولة قطر أثبتت بأن التنمية الاجتماعية يمكن تحقيقها من خلال الرؤية الواضحة والعمل الحاسم. فهي تواصل بناء ونموذج تنموي يركز على تنمية الإنسان، وتكافؤ الفرص، والتعليم عالي الجودة، والتمكين الاقتصادي، ودعم الأسرة والحماية الاجتماعية. وتجسّد استراتيجية التنمية الاجتماعية والأسرة (2025-2030)، التي أُعلن عنها مؤخراً تحت شعار "من الرعاية إلى التمكين"، هذا التوجه، حيث تضع في صميم أهدافها تعزيز التماسك الاجتماعي، والمرونة المجتمعية، وضمان الوصول العادل إلى الفرص، بما ينسجم مع رؤية قطر الوطنية 2030 التي تضع الإنسان في محور التنمية
وعلى الصعيد الدولي، تواصل قطر دورها كشريك موثوق في الجهود الإنسانية والتنموية. فمن خلال صندوق قطر للتنمية ومؤسسات أخرى، تقدم الدولة الدعم للمجتمعات الأكثر حاجة حول العالم، عبر تعزيز سبل العيش، ونشر التعليم، وإعادة إعمار المجتمعات المتضررة من النزاعات. وإن انتخاب سمو أمير البلاد المفدى رئيساً للقمة، يعد تقديرا واعترافا دولياً بمصداقية قطر وقيادتها في دفع برنامج التنمية الأممية
ويمثل اعتماد إعلان الدوحة خلال هذه القمة محطة مفصلية، إذ يؤكد التزام المجتمع الدولي بإطار أخلاقي وسياسي يقوم على كرامة الإنسان والمساواة والعدالة الاقتصادية والسلام كأسس جوهرية للتنمية الاجتماعية. كما يجدد الإعلان الزخم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 التي تعثرت في ظل ما يشهده العالم من أزمات وصراعات
ولم تخلو كلمة سمو الامير من إعادة تأكيد الدعم القطري الثابت لحق الشعب الفلسطيني، ومن الدعوة الى حمايته وتقديم الدعم له ومقاومة إقامة نظام الفصل العنصري في فلسطين
ومع تدفق قادة العالم وافتتاح سمو الامير للقمة اتجهت الأنظار إلى الدوحة، التي أصبحت قوة فاعلة في اطار جهود الأمم لتحقيق الازدهار والعدالة الاجتماعية لشعوب العالم. ولا شك بإن النجاح الحقيقي للقمة يعتبر نجاحا للدوحة، وعلى دول العالم ترجمة ما طرح من برامج وافكار في القمة الى أفعال على ارض الواقع ونتائج ملموسة تحدث فارق في حياة الشعوب
إن قيادة قطر لهذه القمة تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الدولي، وتعبّر عن رؤية تنموية إنسانية شاملة ومستدامة — رؤية تقيس التقدم بمدى قدرة الدول على الارتقاء بالبشر وإرساء عالم أكثر عدلاً وسلاماً. وان قمة الدوحة تذكر العالم بأن التنمية الاجتماعية هي الطريق إلى الاستقرار — وأن قطر تسهم بقوة في قيادة هذا الطريق بكل جدارة واستحقاق